Image
عشاء قداس الرب خلال اجتماع مجلس الكنائس العالمي في أمستردام

عشاء قداس الرب خلال اجتماع مجلس الكنائس العالمي في أمستردام

بقلم أوداير بيدروسو ماتيوس(*)

هل سبق لك أن فكرت في تأليف أوراتوريو عن الحركة المسكونية وتخصصه لمجلس الكنائس العالمي؟

لقد قام بذلك الكاثوليك الهولنديون القدامى، أقصد بذلك مطران "ديفينتر" / "إنجلبرتوس لاجروي" و"ألكسندر دي جونغ".

سُـمّي هذا الأوراتوريو بـ "ترنيمة الوحدة" وعُرض بعد ظهر يوم الأحد في الكنيسة القديمة. وبعد هذا العرض، نظّم المجلس الكنسي المسكوني في هولندا حفل استقبال.

وفي طريق عودتي إلى الفندق، وأنا ما زلت متأثراً "بجمال الموسيقى" وبما جاء في الليبريتو بشأن الرؤية المسكونية، أدركت فجأة أن موضوع الاجتماع ليس موضوع الاجتماع.

والآن بعد أن اطّلعت على تقارير الأقسام الأربعة التي قُدمت في الجلسة العامة، ثم استلمتها الجمعية وقُدّمت إلى الكنائس "لجدية دراساتها وإجراءاتها المناسبة"، أصبح ذلك الإدراك أقوى في ذهني كصحفي لاهوتي.

لذلك، وبعد مقابلتي مع الأنجليكانية "روث راوز" والأرثوذكسية السريانية "سارة شاكو" بعد الغداء، شاركتهما إدراكي هذا. بالمناسبة، عدد النساء ليس كبيراً جدا في هذا الاجتماع. والإحصاءات المتعلقة بالحضور تبيّن أن المندوبين يتكونون من 270 رجل دين و81 "رجلاً غير ديني أو امرأة غير دينية".

السيرة الذاتية للسيدة "راوز" مثيرة للإعجاب: فقد كانت سكرتيرة الاتحاد المسيحي الطلابي العالمي من 1905 إلى 1924 وألّفت كتاب "إعادة بناء أوروبا" الذي نُشر عام 1925 وكانت رئيسة الرابطة المسيحية العالمية للشابات من 1936 إلى قبل عامين.

تخبرني السيدة / "راوز" أنها مقبلة على مشروع جديد مع بعض الأصدقاء القدامى الآخرين يتمثّل في كتابة تاريخ الحركة المسكونية التي تتقارب فيها الحركات المسكونية المختلفة، مثل الأنهار الصغيرة، لتصبح نهرًا كبيرًا واحدًا هو مجلس الكنائس العالمي. وقد يكون ذلك أول مشروع تحريري كبير للمعهد المسكوني الذي تم إنشاؤه حديثًا في "بوسي" بالقرب من جنيف، حيث تدرّس حالياً السيدة / "سوزان دي ديتريش".

السيدة / "شاكو" ليست أقل إثارة للإعجاب. فقد كان عليها أن مواجهة الأفكار الثقافية المسبقة لكي تصبح مربّية مشهورة. وهي تدرّس التاريخ في مدرسة ميثودية في "لكناو" بالهند. ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد.

فخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، التحقت بالحركة المسيحية الطلابية التي أخذتها إلى إندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين. هنا في أمستردام، تشغل منصب رئيسة لجنة "حياة وعمل المرأة في الكنيسة". لن أُفاجأ إذا تم تعيينها في يوم من الأيام في مجلس الكنائس العالمي في جنيف أو إذا أصبحت أول امرأة تترأس مجلس الكنائس العالمي.

سارة وروث توافقاني رؤيتي اللاهوتية الصحفية بأن موضوع الاجتماع ليس موضوع الاجتماع. إن موضوع هذا الاجتماع هو في الواقع ... الكنيسة، أو بشكل أدق، الكنائس وضغوطات دعوتها المشتركة: تقرير القسم الأول يتعلّق باجتماع الكنائس من أجل تحقيق الكنيسة الواحدة في ظل "تصميم الله". ويتعلّق موضوع القسم الثاني بالكنائس التي تجتمع من أجل التجديد والتبشير والوحدة في ظل "تصميم الله". أما موضوع القسمين الثالث والرابع فهو اجتماع الكنائس من أجل الرد على "اضطرابات الإنسان" في المجتمع وفي الشؤون الدولية.

في جمعية تتولى فيه الكنائس أخيراً المسؤولية عن الحركة المسكونية من خلال الاجتماع كـ "مجلس كنائس"، لا يمكن أن يكون موضوع الجمعية سوى كنائس الحج في التاريخ. ماذا تعني كنائس الحج التي تستجيب معًا "لاضطرابات الإنسان" في عالمنا اليوم في ظل "تصميم الله"؟ فكّروا في الحروب العالمية والقنابل الذرية والعنصرية وفي المعركة العالمية المتصاعدة بين الرأسمالية والشيوعية.

التقرير النيّر والهام المتعلّق بالقسم الثالث يطرح آفاقاً لإجابة عن هذه المسائل. تعال وشاهد.

يقول التقرير إن أعمق جذور اضطرابات العالم هي "رفض البشر أن يروا ويعترفوا بأن مسؤوليتهم تجاه الله أهمّ من وفاءهم لأي مجتمع أرضي وطاعتهم لأي سلطة دنيوية".

الكنيسة المسيحية "تتعامل مع اضطرابات مجتمعنا بالإيمان بربوبية يسوع المسيح". وفي ضوء ملكوته، "فإن المسيحيين يدركون الخطايا التي تفسد المجتمعات والمؤسسات البشرية في كل عصر". وفي الوقت نفسه "فإنهم أيضًا مطمئنون إلى النصر النهائي على الخطيئة والموت من خلال المسيح". لذلك فإن العقيدة المسيحية لا تترك أي مجال لحالات اليأس اليوم.

ما هي العوامل الرئيسية للاضطرابات المعاصرة؟ العامل الأول هو تركّز السلطات على نطاق واسع. فهي في الرأسمالية اقتصادية بشكل أساسي. وفي الشيوعية، اقتصادية وسياسية. العامل الثاني هو أن المجتمع تهيـمن عليه التقنيات وعواقبه المتناقضة.

وتقع على عاتق الكنائس المسيحية اليوم مسؤولية عاجلة تتمثّل في "مساعدة البشر على تحقيق حياة شخصية كاملة داخل المجتمع التقني"، دون أن تنسى أنها "كثيراً ما منحت سنداً دينيًا للامتيازات الخاصة للطبقات والأعراق والجماعات السياسية السائدة" وأنها "غالباً ما ركّزت على تفسير روحي بحت أو غير دنيوي أو فردي لرسالتها ومسؤوليتها" وأنها "غالباً ما فشلت في فهم القوى التي شكلت المجتمع من حولها".

وجاء في التقرير أيضاً أن الثورة الصناعية "حرّرت النشاط الاقتصادي من الضوابط الاجتماعية السابقة وتجاوزت مكانها المتواضع في الحياة البشرية". لكن العدالة "تتطلب خضوع الأنشطة الاقتصادية للأغراض الاجتماعية".

الكنيسة لا تستطيع حل النزاع الاقتصادي بين الاشتراكيين والرأسماليين. ولكن في ضوء فهمها للإنسان، فإنها تعتبر أن "الملكية ليست هي أساس فساد الطبيعة البشرية" وأن "الملكية ليست حقًا غير مشروط".

يتعيّن على الكنيسة أن تدافع عن تفوّق الأشخاص الطبيعيين على "إخضاع العمليات الاقتصادية والحقوق السامية إلى احتياجات المجتمع ككل". لذلك، فإن من الاحتياجات الأساسية "تنظيم المجتمع بشكل متسق وهادِف".

وفي هذه المرحلة، يقدم التقرير مفهوم "المجتمع المسؤول".

لا أعرف ما إذا كنتم قد سمعتم عن "النظريات المتوسطة" لـ"أولدهام". ورغم أن هذه التسمية "معرفية" نوعاً ما، فإن هذا النهج المتبع إزاء القضايا المجتمعية قد أدى دوراً رئيسياً في المؤتمر العالمي للحياة والعمل قبل 11 عامًا ومنذ ذلك الحين وهو يساعد الكنائس على تطوير نهج مشترك ورسولي وبنّاء إزاء المشاكل الاجتماعية المعاصرة، وهو ما يمكن تسميته بـ"الأخلاق الاجتماعية المسكونية".

"المجتمع المسؤول" نظرية متوسطة وضعها كل من "أولدهام" و"فيسرت هوفت" العام الماضي في لندن. ما هو المجتمع المسؤول وفقاً للتقرير؟ إن المجتمع المسؤول "مجتمع تكون فيه الحرية حرية البشر الذين يقرون بمسؤوليتهم تجاه العدالة والنظام العام، ويكون في أولئك الذين يملكون السلطة السياسية أو القوة الاقتصادية مسؤولين عن ممارساتهم أمام الله وأمام الأشخاص الذين يتأثر رفاههم بتلك السلطة أو القوة".

ويمكن أن يكون المجتمع الحديث مجتمعًا مسؤولًا إذا كان "للناس حرية مراقبة حكوماتهم وانتقادها وتغييرها" وإذا تم توزيع السلطة "على أوسع نطاق ممكن على المجتمع بأكمله".

وفيما يتعلق بالشيوعية والرأسمالية، يتعيّن على المسيحيين أن يعترفوا بيد الله "في ثورة الجموع ضد الظلم الذي يعطي الشيوعية الكثير من قوتها". وبالنسبة للكثير من الشبان والشابات، "يبدو وكأن الشيوعية تقف إلى جانب رؤية للمساواة بين البشر والأخوة العالمية كانوا قد استعدوا لها من خلال تأثير المسيحية". ومن ناحية أخرى، فإن المسيحية لديها نقاط اختلاف مع "الشيوعية الماركسية الملحدة" مثل الوعد بالخلاص الكامل للإنسان في التاريخ والاعتقاد بأن طبقة اجتماعية معينة معصومة من الخطايا والغموض والتعاليم المادية والحتمية، و"الأساليب القاسية للشيوعيين في التعامل مع خصومهم" ومطالبة الحزب الشيوعي "بالولاء الحصري وغير المشروط". وينبغي على الكنائس أن ترفض "إيديولوجيات كلّ من الشيوعية والرأسمالية التي تنتهج سياسة عدم التدخل ..."

يجب أن أتوقف هنا وأنطلق مسرعاً نحو الكنيسة الغربية من أجل الالتحاق بالقداس الختامي. انتهى اجتماع أمستردام للتو من عمله. سننتشر قريبا في جميع أنحاء العالم. لكننا نعتزم البقاء معاً ...

* أوداير بيدروسو ماتيوس هو مدير لجنة العقيدة والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي

 

#WCC70 أمستردام، 1948 (1): الاجتماع من أجل الصلاة

WCC70# أمستردام، 1948 (2): الاجتماع من أجل العمل: ما هو مجلس الكنائس العالمي؟

WCC70# أمستردام، 1948 (3): الاجتماع من أجل التدارس: الكنيسة العالمية في ظل تصميم الله

70 عاما لمجلس الكنائس العالمي

الذكرى السنوية السبعين لمجلس الكنائس العالمي في أمستردام

صور مجانية من الذكرى السنوية السبعين لمجلس الكنائس العالمي في أمستردام