قَدْ أخبَرَكَ اللهُ مَا هُوَ صَالِحٌ
وَمَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ:
أنْ تَعْمَلَ بِحَسَبِ العَدلِ وَالمَحَبَّةِ وَالرَّحْمَةِ،
وَأنْ تَحيَا بِتَوَاضُعٍ مَعَ إلَهِكَ.
ميخا 6:8
لقد مضى أكثر من عام على اندلاع القتال واسع النطاق بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه النظامية. كاد هذا النزاع بين الحليفين السابقين في انقلاب عام 2021، والذي أطاح بالحكومة الانتقالية السابقة، أن يُدمّر بلداً عانى شعبه لسنوات عديدة من أزمات مطولة ومتعددة الأبعاد.
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فقد وقعت أكثر من 15,500 حالة وفاة وأكثر من 1,400 حادثة عنف استهدفت المدنيين في جميع أنحاء البلاد منذ بداية الحرب. وتسبب النزاع في أضرار جسيمة للبنية التحتية والمنشآت الأساسية، وكذلك نزوح سكاني كبير. فقد أُجبر ما يقارب 8.8 مليون شخصاً على ترك منازلهم والبحث عن الأمان داخل وخارج السودان. ومع وجود 3.8 مليون نازح داخل السودان بسبب الصراع الداخلي السابق، يواجه السودان أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، وأكبر أزمة نزوح للأطفال بوجود أكثر من 3 ملايين طفل نازح داخل البلاد وخارجها.
يواجه حوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص في السودان انعدام الأمن الغذائي الحاد. فقد حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن السودان سيمر قريباً بأسوأ أزمة غذائية في العالم، حيث يواجه 90% من سكان مدينة الخرطوم وإقليم دارفور ومنطقة كردفان مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي الحاد[1]. بشكل عام، حوالي 24.8 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف إجمالي سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد زاد عدد المحتاجين إلى خدمات مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان بأكثر من مليون شخص بحلول نهاية عام 2023، ليصل إلى 4.2 مليون شخص منذ بدء الحرب، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 6.9 مليون شخص خلال عام 2024. [2]
وعلى الرغم من حجم الاحتياجات غير المسبوق، فإن الدعم التمويلي الدولي كان متواضعاً في أفضل حالاته. في الوقت الحالي، تم تمويل أقل من 15% من طلبات التمويل الدولي[3]. علاوة على ذلك، ومع الاستجابة الإنسانية الدولية غير الكافية وبالمقارنة مع الصراعات الحالية الأخرى، يتعرّض السودان للتمييز بشكل غير عادل فيما يتعلق بغياب الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي للضغط على أطراف الصراع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والدخول في حوار لتحقيق سلام مستدام. في الواقع، أدّى تدخل بعض الجهات الخارجية الداعمة لأحد أطراف الصراع ضد الآخر إلى تفاقم العنف ومعاناة الشعب السوداني. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تتجاهل وسائل الإعلام الدولية الرئيسية السودان على الرغم من الوضع الإنساني الكارثي.
كما استذكرت اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي (WCC) التي اجتمعت في بوغوتا، كولومبيا، خلال الفترة من 6 إلى 11 حزيران/يونيو 2024، بيانات مجالس الإدارة السابقة للمجلس المتعلقة بالوضع في السودان[4] والجهود المسكونية السابقة (بما في ذلك الزيارة التضامنية المسكونية إلى السودان في نيسان/أبريل 2022 – قبل عام واحد من اندلاع الحرب الأهلية الحالية). نرحب بزيارة وفد التضامن المسكوني الأخيرة إلى السودان التي قام بها المجلس العالمي للكنائس بصورة مشتركة مع مؤتمر الكنائس لعموم أفريقيا (AACC)، وزمالة مجالس وكنائس منطقة البحيرات الكبرى والقرن الأفريقي (FECCLAHA)، ورابطة المؤتمرات الأسقفية الأعضاء في شرق أفريقيا (AMECEA)، وتحالف العمل المشترك (ACT)، والهيئة العامة للخدمات العالمية للكنيسة الميثودية المتحدة (GBGM-UMC)، ومساعدة الكنيسة النرويجية (NCA) في الفترة من 17 إلى 24 نيسان/أبريل 2024. وتأتي هذه الزيارة استجابة لطلب اللجنة التنفيذية في أيار/مايو 2023 للأمين العام للمجلس العالمي للكنائس "لقيادة زيارة حج مسكونية لتقديم التضامن للكنائس والشعب السوداني فور تحسن الظروف الأمنية."
اللجنة التنفيذية:
تبث روح الأمل في الضعفاء خاصة النساء والأطفال والأقليات المهمشة الذين يعانون في خضمّ الحرب.
تستنكر تجاهل أطراف الصراع الواضح والمتكرر لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، والقانون الجنائي، ومبادئ الأخلاق العامة كما تأكد ذلك من طبيعة الفظائع المرتكبة – بما في ذلك تفشي العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والحصيلة العالية في عدد الضحايا المدنيين والدمار الكبير للبنى التحتية المدنية، من ضمنها المشافي والمدارس والمناطق السكنية.
تدعو إلى محاسبة قانونية كاملة على كل الجرائم المرتكبة.
تسلط الضوء على الضغط النفسي الناجم عن الصراع القائم وتأثيراته على الأشخاص، خاصة الأطفال، وكذلك الحاجة الملحّة للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي وخدمات التعافي من الصدمة للفئات المتضررة.
تطالب جميع أطراف النزاع بإعطاء الأولوية لحماية المدنيين (خاصة النساء والأطفال والفئات الضعيفة) والتمسّك بالقانون الدولي والالتزام بوقف فوري لإطلاق النار وتأمين الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الصراع وصون الممتلكات والبنى التحتية المدنية والدخول في مفاوضات شاملة وشمولية من أجل سلام مستدام واستعادة العملية الديموقراطية الانتقالية.
تستنكر دور بعض الجهات الخارجية في تأجيج العنف وديمومة الصراع وزيادة معاناة الشعب السوداني.
تحثّ جميع أعضاء المجتمع الدولي على الاستجابة بسخاء للاحتياجات الإنسانية للشعب السوداني والانخراط الفعال مع أطراف الصراع لإنهاء للعنف ووقف إطلاق النار وتأمين وصول المساعدات الانسانية إلى جميع المناطق المتضررة من الصراع والتفاوض من أجل سلام مستدام.
تشجّع الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي على مواصلة الجهود الرامية إلى العمل مع قيادة قوات الدعم السريع، عقب الزيارة التضامنية المسكونية في نيسان/أبريل 2024 (اجتمع خلالها بقيادة القوات المسلحة السودانية).
تدعو جميع الكنائس الأعضاء في مجلس الكنائس العالمي والشركاء المسكونيين والشركاء من أديان أخرى إلى الصلاة والعمل بتضامن مع الكنائس والشعب السوداني الذين يعانون من العنف والموت والدمار والنزوح بسبب الصراع القائم، لعل الله يحميهم من الأذى ويتمكّنون من العودة إلى منازلهم وحياتهم وهم في أمان وكرامة.
[1] https://www.unocha.org/news/ocha-warns-security-council-sudan-will-soon-be-worlds-worst-hunger-crisis
[2] حالة المجموعة: جواب المجموعة الفرعية للعنف القائم على النوع الاجتماعي (نيسان/أبريل - 15 تشرين الأول/أكتوبر 2023) | مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (unocha.org)
[3] البيانات مأخوذة منhttps://www.unocha.org/sudan
[4]من ضمنها بيان اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي حول النزاع والأزمة الإنسانية في السودان، أيار/مايو 2023، وبيان اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي حول الزيارة المسكونية التضامنية للسودان، حزيران/يونيو 2022.