Image
 الصورة . ألبير هيلير / مجلس الكنائس العالمي

الصورة . ألبير هيلير / مجلس الكنائس العالمي

أدان الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي الدكتور أولاف فيكس تفايت استخدام العنف المفرط من قبل القوات الإسرائيلية ضد متظاهرين مدنيين في غزة خلال الأسبوع الماضي الذي أودى بحياة الكثيرين و فقد الكثيرون أحبائهم ، وأعرب عن شعوره بالقلق بشكل خاص بسبب احتفال بعض المسيحيين بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارهم لها كهدية من الله ، على الرغم من الطبيعة الاستفزازية لهذه الخطوة.

وقد أسفرت الردود العسكرية على المظاهرات في غزة عن مقتل العديد من الأشخاص - بما في ذلك العديد من الأطفال - وإصابة الآلاف، ومازالت أعدادهم في تزايد.  يجب على المجتمع الدولي إدانة هذا العنف وسفك الدماء ويتطلّب الأمر فتح تحقيق دولي. كما يستدعي الوضع تفهما أعمق من وراء هذه الأحداث.

يمارس المحتجون حقوقهم المدنية للتعبير عن اعتراضهم ويأسهم على وضعهم الحالي كشعب فلسطيني. وما زالت "النكبة"  وهي الكارثة التي عانت منها أسرهم قبل سبعين عاماً  سبباً في نزع أراضيهم ومعاناة العديد من الفلسطينيين - وخاصة بالنسبة لأهالي غزة. وهؤلاء المدنيون غير المسلحين -  بمن فيهم الأطفال – الذين يتعرضون إلى إطلاق النار بالذخيرة الحية ، بل وإلى القتل والعديد منهم أصيبوا بجراح ولا يمكن الدفاع عنهم بشكل قانوني أو معنوي كتعبير عن "حق الدولة للدفاع عن النفس". يجب أن يُنظر إلى هذا على أنه استخدام غير مقبول للعنف ضد الناس وأن من واجب على إسرائيل احترامهم وحمايتهم.

القدس مدينة مقدسة مشتركة بين الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. وفي الأرض المقدسة يجب أن يقوم السلام الشامل والدائم على حل قائم على وجود دولتين على طول الحدود المعترف بها دوليا. وجاءت هذه المظاهرات ضد قرار الولايات المتحدة أحادي الطرف بنقل سفارتها إلى "القدس غير المقسمة". ويعد هذا الإجراء تعارضا مع جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ، وقد أوجد عقبة خطيرة أمام أي حل سلمي وعادل. إن مسألة القدس لم يتم "سحبها من طاولة المفاوضات" ، بل تظل واحدة من أصعب القضايا على طاولة مفاوضات السلام، وأصبحت الآن أكثر تقلبًا بسبب الخطوة الأمريكية.

تزامنت الاحتجاجات التي وقعت في 14 مايو مع النقل الرسمي للسفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل. وكانت احتجاجات 15 مايو بمناسبة الذكرى السنوية السبعين لما يشير إليه الفلسطينيون بـ "النكبة"  أو "الكارثة"  عندما شُرّد مئات الآلاف من الأشخاص أثناء قيام إسرائيل عام 1948.

لقد أكد مجلس الكنائس العالمي دوما على أن وضع مدينة القدس  التي لها أهمية عميقة ومحبوبة من الديانات الثلاث والشعبين ، يجب أن يحل بالمفاوضات السلمية. وفي وقت مثل هذا ، يجب على جميع الجهات الفاعلة - ولا سيما دولة إسرائيل القوية والدول الأجنبية - السعي من أجل سلام عادل  والعمل بأقصى قدر من الاحترام لقدسية الحياة وممارسة ضبط النفس من جميع أشكال العنف التي تزيد من تصاعد التوترات الجارية. إنه وضع خطير للغاية بالنسبة للكنائس على الصعيد المحلي والعالمي أن يشكر بعض المسيحيين الله على قرار صارخ ضد القانون الدولي والسياسة الدولية يقوض عملية السلام على أساس فهم دولي مشترك لحقوق الشعبين في تقاسم القدس كعاصمة لهما  وهذا القرار استفزازي للغاية للشعب الفلسطيني المحتل والمضطهد. يجب أن يفهم ذلك كل الذين يفهمون عقيدتهم الدينية بأنها تدفعهم إلى العمل من أجل المصالحة والسلام.

إنه لأمر محزن للغاية أن تكون التحذيرات السابقة بأن أي قرار أحادي الجانب حول مستقبل القدس يقوض جهود السلام في الأراضي المقدسة لم تؤخذ في الاعتبار. وهذا ما أسهم بشكل مباشر في العنف الحالي. من الواضح أنه كان من الممكن تجنب ذلك وعلاوة على ذلك  فإننا نشعر بقلق عميق إزاء التداعيات التي قد تترتب على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس على إيجاد حل دائم للوضع في الأراضي المقدسة.

إننا نحث المجتمع الدولي على تسريع جميع الجهود للتوصل إلى حل عادل وقابل للحياة يحترم تطلعات جميع الشعوب التي تعيش في الأراضي المقدسة بما يتماشى مع الاتفاقيات والقرارات الدولية. وحتى مع تهديد دوامة العنف المتزايد الذي يلوح في الأفق، فإننا نضم صوتنا إلى الكنائس الأعضاء في الأمل والصلاة بأن تتغلب الجهود المبذولة لتحقيق السلام على العنف المأساوي الحالي وتؤدي إلى زمن حيث "تتحول السيوف إلى محاريث والرماح إلى مناجل".

ويعبر مجلس الكنائس العالمي عن تضامنه مع الكنائس الأعضاء في الأرض المقدسة وسيواصل مرافقتها في عملها من أجل المصالحة والعدالة والسلام.

من أجل التضامن مع الكنائس في الشرق الأوسط