Image
التقطت الصورة من طرف: بيتر كيني/ مجلس الكنائس العالمي

التقطت الصورة من طرف: بيتر كيني/ مجلس الكنائس العالمي

انطلق على مضض كل من الطالب المسلم الشيعي القادم من كندا، والطالب المسيحي المشيخي المنحدر من الهند، صحبة رفاقهما، لممارسة الركض باكرا خلال صباح ذلك اليوم البارد على ضفاف بحيرة جنيف، دون أن يعلما ما يحمله شروق شمس ذلك اليوم من معاني غير متوقعة.

منذ سنتين، انطلق جهاد حجازي، وهو مطور برمجيات حاسوبية ينحدر من مونتريال ومسلم شيعي، رفقة مجموعة من المسلمين الزائرين لبوسي باتجاه البحيرة، إلا أنهم لم يتمكنوا من بلوغها لأن خط السكة الحديدية قد قطع عليهم الطريق إليها.

أما هذا العام، ومع بزوغ الخيط الأبيض من الفجر، انطلق جهاد رفقة القس أبهيشيك برابهاكار جون Abhishek Prabhakar John، من كنيسة مانيبور المشيخية، وصحبة الطلبة المشاركين في الحلقة الدراسية حول الحوار بين الأديان، باتجاه البحيرة، وهذه المرة، كانت الطريق مفتوحة.

لقد كانوا رفقة مجموعة تضم 26 طالبا مشاركا في الحلقة الدراسية المشتركة بين المركز الإسلامي الدولي بإنجلترا والمعهد المسكوني ببوسي، والتي عُقدت في الفترة الممتدة بين 20 و23 آذار/ مارس، حيث تضمنت تلك الحلقة برمجة زيارة إلى مقر مجلس الكنائس العالمي.

"لقد كانت الشمس بصدد الطلوع بروية خلف الجبال. حيث أشرقت أشعتها كما لو أنها رسمت في صفحات كتاب ديني. ولذلك، أقمنا الصلاة جماعة، حيث صلى المسلمون صلاتهم وصلى المسيحيون صلاتهم في الوقت ذاته، لقد شهدنا الصلاة الإسلامية والصلاة المسيحية في آن واحد."

وقال حجازي عند سرده للتجربة التي عاشها في نهاية الحلقة الدراسية: " في الوقت الذي أنهى فيه الأخ المسيحي صلاته، ظهرت الشمس بالفعل من خلف الجبل، حيث تزامن ذلك مع انتهاء الصلاة. أعتقد أن تلك اللحظة اتسمت برمزية عظيمة حسب رأيي، وهو الأمر الذي ساهم في فهمي بشكل أعمق للإله".

لقد قدم الطلبة الثمانية المنتمون إلى معهد بوسي من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجورجيا والهند ونيجيريا ورومانيا وأوكرانيا، أما فريق المسلمين الشيعيين، فقد قدموا من الأرجنتين وكندا وإيران والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

إثراء المعارف وإقامة علاقات الصداقة

بينما هم يلخصون آرائهم حول تجاربهم التي عاشوها بعد انتهاء الحلقة الدراسية، تحدث الطلبة عن إثراء معارفهم وإقامتهم لعلاقات الصداقة الجديدة التي حثتهم على الحوار مع بعضهم البعض بغية السعي معا إلى خلق عالم أفضل ومشاركة اللحظات القيمة وعيش الأوقات المقدسة معا.

وقال برابهاكار جون Prabhakar John: " هذا الصباح، ركضنا معا إلى البحيرة، فعلا يتمثل أجمل شيء يتضمنه هذا البرنامج في إمكانية إقامة الصداقات الجديدة".

وبعد انتهاء الحلقة الدراسية، قال الأب البروفسر الدكتور لورنس إيوامادي Lawrence Iwuamadi، وهو العميد الأكاديمي بالمعهد المسكوني:" هذا يحدث للمرة الأولي، أين يتشارك نفس الدورة طلبة الماستر بمعهد بوسي، والذين ينحدرون من شعائر مسيحية مختلفة، والطلبة المسلمون الزائرون، إذ انهم حضروا الدورة معا ودرسوها خلال الفترات ذاتها. ففيما سبق، تأتي هذه الفرق وتزور المعهد وتدرس الدورات دون أي تفاعل مقرر ومقصود مع طلبتنا".

"ويعتبر هذا البعد الجديد جزءا من المجهودات التي نبذلها سعيا إلى الاستجابة إلى النداء المقدس والشعائري لتحقيق العدالة والسلام، والذي يدعونا إلى السير معا ومرافقة الدرب مع شعوب الديانات الأخرى".

ثم أردف إيوامادي Iwuamadi قائلا: "من المستحيل أن نتمكن من التعامل مع المسكونية ونحن منعزلون عن العالم أجمع، فلن نستطيع ذلك ونحن نتجاهل جانب إقامة الحوار بين الديانات. لذا سيواصل المعهد المسكوني السعي لتفعيل هذا المنظور الشامل وإدراجه في عملية التكوين المسكوني."

زيارة الطلبة لمقر مجلس الكنائس العالمي ومقر الأمم المتحدة بجنيف.

لقد ترأس أحد الجلسات القس الدكتور دايفيد مارشال، وهو المدير التنفيذي لبرنامج مجلس الكنائس العالمي حول الحوار والتعاون بين الأديان، كما ترأست جلسة أخرى الدكتورة كاتالينا تاحافي-ويليامز، وهي المديرة التنفيذية لبرنامج مجلس الكنائس العالمي حول البعثات والتبشير، وترأست جلسة أخرى القسة نيكول آشوود، وهي المديرة التنفيذية لبرنامج مجلس الكنائس العالمي حول مجتمع من الرجال والنساء على قدم المساواة.

كما قام بتقديم العروض، كل من الدكتور محمد شومالي، وهو مدير المعهد الدولي للدراسات الإسلامية، بلندن، والدكتور مهناز حيدربور، وهما يعملان منذ سنوات في إطار التفاعل بين الأديان.

من هو الرب؟

ترأس القس الدكتور بنجامين سايمون، وهو بروفيسور في علم المسكونية بمعهد بوسي، جلسة تحمل عنوان "من هو الرب، مدخل إلى المسيحية". ثم تبعه الدكتور شومالي الذي ساعده على إتمام الدورة، حيث تحدث عن "كلام الله. التعريف بكتابنا السماوي المقدس (القرآن) ودوره الذي يلعبه في إدارة حياتنا والتأثير عليها".

أما خلال اليوم الأخير من الدورة، فقد ترأس القس الدكتور ميكي آ. روبرتس، وهو المدير التنفيذي لبرنامج مجلس الكنائس العالمي حول الحياة الروحية، بالإضافة إلى الدكتور حيدربور، جلسة حول معنى الروحية انطلاقا من المنظورين المسيحي والإسلامي. وقال شومالي: "لقد أتيحت لنا الفرصة لمعرفة المزيد عن تنوع الكنيسة للكنيسة. وأرجو أن نتمكن، بفضل الرابطة التي جمعتنا خلال هذه الدورة، من توسيع آفاق علاقاتنا مع الإخوة والأخوات المسيحيين ". ثم أردف سايمن قائلا: "لقد قررنا هذا العام أن نتعمق أكثر في المواضيع اللاهوتية ونخوض فيها بشكل أوسع، مثل فهم الإله في الديانتين، ومسالتي الثالوث المقدس وتجسد روح الإله في المسيحية، وموضوع دور الكتب السماوية المقدسة وأثرها في المسيحية والإسلام، بالإضافة إلى التعمق في موضوع الروحانية وتأثيرها في الديانتين".

"لقد كان عيش الطلبة تحت سقف واحد أمرا مشجعا لهم، حيث كانوا يتناولون الطعام وهم يجلسون معا على طاولة واحدة. أما خلال أوقات الفراغ، فقد كانوا يتمشون معا باتجاه البحيرة أو كانوا يمارسون الركض نحوها".

وعبرت الطالبة المسلمة ياسمين العطار، وهي جراحة أسنان قادمة من واترلو بكندا، عن سعادتها بمشاركة الأشخاص في هذه الحلقة الدراسية، حيث قالت "بالنسبة لي، أوشك الأمر أن يشابه حلول فصل الربيع، أين تزهر القلوب وتنفتح العقول المنغلقة على نفسها وينبعث عبير التفتح والأمل ليشمه كل من يؤمن بالوقوف عند خط البداية الجديدة لتحقيق الحوار بين الديانات".

ثم أضاف شقيقها، وهو طبيب أسرة قادم من تورونتو، قائلا: "الأهم من ذلك هو العامل المشترك الذي يوحد الديانتين ويلحمهما معا، ألا وهو الإيمان بوحدانية الإله. وإنه لشرف عظيم أن أشارك في هذه الدورة، وأدعو الله القدير أن يعزز وحدتنا في هذا المسعى وأن يهدينا جميعا إلى الإيمان بالله".

الدراسة الي أقيمت بمعهد المسكونية